أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : وما النصر إلا من عند الله ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : وما النصر إلا من عند الله ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 1 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 4 أكتوبر 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024م بصيغة word بعنوان : وما النصر إلا من عند الله ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024م بصيغة pdf بعنوان :وما النصر إلا من عند الله ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024م بعنوان : وما النصر إلا من عند الله.

 

أولًامصرُنَا الأبيةُ في أمنٍ وأمانٍ ونصرةٍ بفضلِ اللهِ جلَّ وعلا. 

ثانيًا: تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ 

ثالثــــًا وأخيرًا: نصرُ اللهِ قريبٌ، وإنْ رغمتْ أنوفٌ!!

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024م بعنوان : وما النصر إلا من عند الله : كما يلي:

 

“وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ”

د محمد حرز بتاريخ:  1 ربيع الآخر  1446هــ  ، 4 أكتوبر 2024م

الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينَا فِيهِ مَظَلَّةَ الاستِقْرَارِ والأَمَانِ، الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾(يوسف: 99)، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وليُّ الصالحينَ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفُيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ» متفقٌ عليه، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوَى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة  أل عمران :102). 

عبادَ الله: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ،( عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .

عناصرُ اللقاءِ:

أولًامصرُنَا الأبيةُ في أمنٍ وأمانٍ ونصرةٍ بفضلِ اللهِ جلَّ وعلا. 

ثانيًا: تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ 

ثالثــــًا وأخيرًا: نصرُ اللهِ قريبٌ، وإنْ رغمتْ أنوفٌ!!

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن: ” وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ “، حتى نكونَ على ثقةٍ بوعدِ اللهِ ووعدِ رسولِهِ ﷺ، وخاصةً والأمةُ الإسلاميةُ تشعرُ بالضعفِ والهزيمةِ والانكسارِ بسببِ ما يحدثُ لإخوانِنَا في غزةَ وفلسطين، وخاصةً ومصرُنَا الغاليةُ المحروسةُ بعنايةِ اللهِ تحتفلُ في هذهِ الأيامِ بذكرَى انتصاراتِ أكتوبرِ المجيدةِ التي سطَّرَ فيهَا شهداؤُنَا الأبطالُ التاريخَ بدمائِهِم الذكيةِ العطرةِ، ففِي السادسِ مِن أكتوبر سنة 1973م كانتْ معركةُ العبورِ حيثُ عبرتْ قواتُنَا المسلحةُ خطَّ بارليفٍ ودمرتْ نقاطَ الدفاعِ الإسرائيليةِ وألحقتْ الهزيمةَ بالقواتِ الصهيونيةِ، وانتصرَ جنودُ الحقِّ على المحتلينَ الإسرائيليين، وارتفعتْ راياتُ الحقِّ عاليةً خفاقةً وسجَّلَ التاريخُ هذه البطولاتِ والتضحياتِ لقواتِنَا المسلحةِ فضربُوا بدمائِهِم أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ والفداءِ لدينِهِم ووطنِهِم، وخاصةً ونحنُ نريدُ التحلِّي دائمًا وأبدًا بروحِ نصرِ أكتوبر في كلِّ أوقاتِنَا مِن الثباتِ والوفاءِ والوحدةِ وحبِّ الوطنِ …وللهِ درُّ القائلِ:

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُهَا عطفًا ويرعاهَا

ندعوكَ يا ربِّ أنْ تحمِىَ مرابعَهَا *** فالشمسُ عينٌ لهَا والليلُ نجواهَا

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : وما النصر إلا من عند الله

أولًامصرُنَا الأبيةُ في أمنٍ وأمانٍ ونصرةٍ بفضلِ اللهِ جلَّ وعلا. 

أيُّها السادةُ: بدايةً لن نملَّ مِن الحديثِ عن وطنِنَا؛ لأنّنَا مِن غيرهِ لا قيمةَ ولا وزنَ لنَا، وكيفَ لا؟ وحبُّ الوطنِ والدفاعُ عنه دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وكيفَ لا؟ وحبُّ الوطنِ مِن هديِ النبيِّ العدنانِ ﷺ والنبيينَ الأخيارِ، والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌّ، وواجبٌ وطنيٌّ، ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ، والموتُ في سبيلِهِ عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةٌ، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)، وكيفَ لا؟  والأمنُ والأمانُ مِن أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بهَا علينَا خاصةً في مصرِنَا الغاليةِ، فمصرُ في أمنٍ وأمانٍ بوعدِ اللهِ جلَّ وعلا، قالَ ربُّنَا: {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ} [يوسف:99]، وانظرُوا إلى البلادِ مِن حولِنَا وما الذي حدثَ لهَا، وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله: ( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرِهَا) رواه البخاريُّ في الأدبِ المفردِ والترمذيُّ في السننِ.

 فما بَالكُم إذا كانَ الوطنُ هو مصرُ الغاليةُ صَخرةُ الإسلامِ العاتية. مصرُ التي نحبُّهَا ونعشقُهَا، مصرُ التي ذَكَرهَا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في القرآنِ مِرارًا وتكرارًا قالَ ربُّنَا: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾ (يوسف: 99) مصرُ التي قال عنها نبيُّنَا العدنانُ ﷺ: “إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا” رواه مسلم. وعن أبي ذرٍّ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ والحَاكِمُ. وعن كَعْبِ بنِ مَالِك يَرْفَعُهُ: «إِذَا فُتِحَت مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا». مصرُ التي طلبَ يوسفُ عليه السلامُ أنْ يكونَ على خزائِنِهَا فهي  خزائنُ الأرضِ بشهادةِ العزيزِ الغفارِ (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) يوسف5،  مصرُ التي افتخَر فرعونُ بأنه يملكُها دونَ غيرِهَا، فقالَ كما حكَى اللهُ جلَّ وعلا عنه: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)؟! مصرُ قال عنها سيدُنَا عمرُو بنُ العاص رضى اللهُ عنه وأرضاهُ ولايةَ مصرَ جامعةً تعدلُ الخلافةَ، يعني: ولايةُ كلِّ بلادِ الإسلامِ في كفةٍ، وولايةُ مصرَ في كفةٍ، وقال الجاحظُ: إنّ أهلَ مصرَ يستغنونَ بمَا فيهَا مِن خيراتٍ عن كلِّ بلدٍ، حتى لو ضُرِبَ بينهَا وبينَ بلادِ الدنيا بسورٍ ما ضرَّهَا. اللهُ أكبرُ…. فمصرُ هي أمُّ البلادِ، وهي موطنُ المجاهدين والعُبادِ، قهرتْ قاهرتُها الأممَ، ووصلتْ بركاتُها إلى العربِ والعجمِ سكنَها الأنبياءُ والصحابةُ والعلماء ُوالأولياءُ. ولله در القائل

مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَهَا *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلَهَا *** فما رأَى الدنيَا ولا الناسَ

لذا كان لزامًا علينَا نحنُ المصرينَ أنْ نحافظَ على دولتِنَا وأنْ نتحلَّى بروحِ نصرِ أكتوبرِ المجيدِ مِن حبٍّ وفاءٍ ووحدةٍ وتماسكٍ وترابطٍ وثباتٍ وأخوةٍ وعزةٍ وكرامةٍ وتضحيةٍ وفداءٍ بكلِّ غالٍ ونفيسٍ، ونشرِ روحِ التسامحِ والمحبةِ والأخوةِ بين الجميعِ، وأنْ نحققَ مبدأَ الأخوةِ الإيمانيةِ في نفوسِنَا، وأنْ ننبذَ أسبابَ الفرقةِ والخلافِ والتمزقِ، وأنْ نقيمَ شرعَ اللهِ في واقعِ حياتِنَا وسلوكِنَا ومعاملاتِنَا، ففيهِ الضمانُ لحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ طيبةٍ، وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). وخاصةً ووطنُنَا في حاجةٍ إلى سواعدِ الجميعِ في البناءِ والاستقرارِ والتنميةِ والتقدمِ والرقيِّ والازدهارِ كلُّ في مجالِهِ وتخصصهِ، وخاصةً وأنَّ مصرنَا الغاليةَ مستهدفةٌ مِن الداخلِ والخارجِ مِمَّن يريدونَ النيلَ منها ومِن أمنِهَا واستقرارِهَا؛ لتعمَّ الفوضَى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ.

        بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي ***يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : وما النصر إلا من عند الله

ثانيًا: تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ. 

أيُّها السادةُ: لَقَدْ شَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ الصِّرَاعُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ مُنْذُ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، وَأَنْ يَسْتَمِرَّ الصِّرَاعُ بَيْنَ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، وَمَضَتْ أَحْوَالُ الْأُمَمِ مَا بَيْنَ عِزَّةٍ وَذِلَّةٍ، وَكَثْرَةٍ وَقِلَّةٍ، وَانْتِصَارٍ وَانْكِسَارٍ، قَالَ جلَّ وعلا: ( إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران:140.

فالصراعُ بينَ الكفرِ والإسلامِ صراعٌ دائمٌ ومستمرٌّ، وقد أخبرَنَا اللهُ تعالَى عن استمرارِ الكافرينَ في قتالِ المسلمينَ ليصرفُوهُم عن دينِهِم الحقِّ ما استطاعُوا إلى ذلكَ سبيلًا، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ البقرة: 217. وبيَّنَ اللهُ لنَا في كتابِهِ أنَّ الكافرينَ يكيدونَ بالمسلمينَ، ويمكرونَ بهِم في كلِّ مكانٍ وزمانٍ، فقالَ جلَّ وعلا:  ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴾ [الطارق: 15، 16]، وقالَ جلَّ وعلا:  ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ إبراهيم: 46.

و لكن َمَهْمَا تَطَاوَلَ الْبَاطِلُ عَلَى الْحَقِّ وَعَلَا بِأَنْفِهِ، وَصَالَ وَجَالَ فَإِنَّ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ صَوْلَاتٍ وَجَوْلَاتٍ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَهْلِهِ، حَتَّى يَكْتُبَ اللهُ لَهُمَا الْعِزَّةَ وَالْغَلَبَةَ وَالتَّمْكِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ وَكَرِّ الْعُصُورِ، قَالَ جلَّ وعلا: ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) [الأنبياء:18]، وَقَالَ جلَّ وعلا: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )[التوبة:33]. وَإِذَا كَانَ اللهُ  جَلَّ وعلا يَنْصُرُ الْحَقَّ وَيُؤَيِّدُ أَهْلَهُ: فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَسْبَابٍ مَنْ أَخَذَ بِهَا، كَانَ النَّصْرُ وَالتَّمْكِينُ عَاقِبَتَهُ، وَالْحَيَاةُ الْحُرَّةُ الْعَزِيزَةُ ثَمَرَتَهُ، وَمِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُحَقِّقُ النَّصْرَ وَالتَّمْكِينَ فِي الْأَرْضِ لِلْمُؤْمِنِينَ على سبيل المثال لا الحصر : تَوْحِيدُ اللهِ تَوْحِيدًا خَالِصاً، وَعِبَادَتُهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَةً لَا تَشُوبُهَا شَائِبَةُ شِرْكٍ وَلَا شَكٍّ وَلَا نِفَاقٍ، قَـالَ جلَّ وعلا: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:55]. وَالْإِيمَانُ الصَّادِقُ مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ دَاخِلٌ فِي هَذَا، فَقَدْ وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ الْمُبِينِ، فَقَالَ وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ: ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ )[الروم:47]. وإنْ حصلَ للمسلمينَ انهزامٌ في بعضِ المواطنِ فهو مِن عندِ أنفسِهِم، بذنوبِهِم ومخالفتِهِم ما أمرَهُم اللهُ ورسولُهُ، كما قالَ سبحانَهُ للصحابةِ في غزوةِ أُحدٍ: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [آل عمران: 165]، فاللهُ لا يجاملُ أحدًا، فمَن وفَّى بمَا أمرَهُ اللهُ وفَّاهُ اللهُ ما وعدَهُ: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ البقرة: 40.

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: اجتـماعُ الكلـمةِ على الحقِّ، وإصلاحُ ذاتِ البينِ، وعدمُ التــنازعِ والتـفرُّقِ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]، وقالَ سبحانَهُ: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، فأولُ طريقِ التمكينِ للأمةِ تقوَى اللهِ وإصلاحُ ذاتِ البينِ، فإذا لم يحققْ المسلمونَ تقوَى اللهِ بطاعةِ اللهِ ورسولِهِ، وتنازعُوا واختلفُوا، زالتْ قوتُهُم، وتسلَّطَ عليهِم أعداؤُهُم، كما قالَ جلَّ وعلا:  ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (الأنفال: 46)

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: نَصْرُ دِينِ اللهِ وَالْغَيْرَةُ عَلَيْهِ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ، وَبَذْلُ الْغَالِي وَالنَّفِيسِ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ جل وعلا: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) [الحج:40–41]. 

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: إعدادُ ما يُستطاعُ مِن قوَّةٍ:  فالقوةُ مطلبٌ شرعيٌّ، فالإسلامُ دينُ القوةِ والعزةِ، وقِوامُ الإسلامِ بكتابٍ يهدِي، وسيفٍ ينصرُ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحديد: 25]، وقد أمرَ اللهُ المؤمنينَ بتحصيلِ القوةِ بجميعِ معانيهَا وأنواعِهَا بقدرِ الاستطاعةِ، قالَ اللهُ سبحانَهُ: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾ [الأنفال: 60]، فالإسلامُ ينهَى عن الضعفِ والمهانةِ، ويأمرُ بتحصيلِ جميعِ أسبابِ القوةِ الماديةِ والمعنويةِ بقدرِ الإمكانِ، ولا عزةَ للمسلمينَ إلّا بالإسلامِ، ومهمَا ابتغَوا العزةَ في غيرِهِ أذلَّهُم اللهُ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ المنافقون: 8.

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: التوكلُ على اللهِ جلَّ وعلا، يجبُ على المسلمينَ أنْ تتعلقَ قلوبُهُم باللهِ وحدَهُ في طلبِ تحقيقِ النصرِ، ولا تتعلقُ قلوبُهُم بأحدٍ غيرِ اللهِ، قالَ اللهُ جلَّ علا: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، وقالَ سبحانَهُ: ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126]، فالتوكلُ مِن أعظمِ أسبابِ النصرِ؛ لأنَّ المتوكلينَ يفوضونَ أمورَهُم إلى اللهِ وحدَهُ القادرِ على كلِّ شيءٍ، فيعتمدونَ على اللهِ في جلبِ ما ينفعُهُم، ودفعِ ما يضرُّهُم، مع أخذِهِم بالأسبابِ الشرعيةِ المتيسرةِ لهُم، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 3]، وقال: ﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، فالتوكلُ فريضةٌ عظيمةٌ، وواجبٌ على أمةِ الإسلامِ أنْ تتوكلَ على اللهِ في إصلاحِ جميعِ أمورِهَا الدينيةِ والاجتماعيةِ، والاقتصاديةِ والزراعيةِ، والصناعيةِ والتجاريةِ، والطبيةِ والسياسيةِ والحربيةِ، وغيرِ ذلكَ.

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: الصَّبرُ والثَّبَاتُ والتَّقوَى، قالَ اللهُ جلَّ وعلا: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120]، وقالَ جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45]، وقالَ جلَ وعلا:﴿ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ الأعراف: 128وعن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (واعلَمْ أنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفرَجَ مع الكرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا).

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: عدمُ التعلقِ بالدنيا والركونِ إليهَا ونسيانِ الآخرةِ : فعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا)، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: (بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: (حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) (رواه أحمد)، ألم يقعْ ما أخبرَ بهِ الصادقُ المصدوقُ ﷺ.

وَمِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ: التَّضَرُّعُ واللجُوءُ إلى اللهِ تعالى والإِلحَاحُ فِي الدُّعَاءِ: فإنَّ مِن أعظمِ وأقوَى عواملِ النصرِ التضرعَ إلى اللهِ تعالى والاستغاثةَ بهِ؛ لأنَّهُ القويُّ القادرُ على هزيمةِ أعدائِهِ، ونصرِ أوليائِهِ، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، وقالَ جلَّ وعلا:  ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ النمل، ولهذا كان النبيُّ ﷺ يدعُو ويستغيثُ ربَّهُ  تباركَ وتعالى في معاركِهِ، فينصرهُ ويمدّهُ بجنودهِ، قالَ تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]وهكذا كان ﷺ يدعُو اللهَ في جميعِ معاركِهِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا غَزَا قَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ).وفي غزوةِ بدرٍ ظلَّ ﷺ طوالَ ليلتِهِ يتضرعُ ويدعُو ربَّهُ، عَنْ عَلِيٍّ بنِ أبِي طالبٍ رضي اللهُ عنه،  قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ بَدْرٍ، وَمَا مِنَّا إِنْسَانٌ إِلاَّ نَائِمٌ، إِلاَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي ويَبْكي وَيَدْعُو حَتَّى أَصْبَحَ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، (قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم-) حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}، وهكذا ينبغِي أنْ يكونَ حالُ المسلمِ وقتَ الشدائدِ؛ لأنَّ الدعاءَ يدفعُ اللهُ بهِ مِن البلاءِ ما اللهُ بهِ عليمٌ، فعَنْ سَلْمَانَ الفارسِي رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ).

قصدتُ بابَ الرجاء والناسُ قد رقدُوا  *** وقمتُ أشكُو إلى مولايَ مـا أجـدُ

وقلتُ يـا أملِـى في كـلِّ نائبـةٍ يا   ***   مَن عليهِ لكشـفِ الضـرِّ أعتمـدُ

أشكُو إليـكَ أمـورًا أنـتَ تعلمُهَـا *** ما لِي على حملِهَا صبـرٌ ولا جلـدُ

مــددتُ يدِي بـالـذلِّ مفـتـقـرًا  ***  يـا خيرَ مَـن مُـددتْ إليـهِ يــدُ

فـلا تردنَّـهَـا يـا ربـِّى خائـبـةً *** فبحرُ جودِكَ يروِى كلَّ مَـن يـردُ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

الخطبة الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  ………………..وبعدُ          

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : وما النصر إلا من عند الله

ثالثــــًا وأخيرًا: نصرُ اللهِ قريبٌ  وإنْ رغمتْ أنوفٌ!!

أيُّها السادةُ: مهمَا تلاحقتْ الخطوبُ واشتدتْ وتفننَ الأعداءُ في أساليبِ العداوةِ والبغضاءِ، فلا ننسَى أنَّ نصرَ اللهِ قريبٌ، وأنَّ كيدَ الشيطانِ ضعيفٌ، وأنَّ الغلبةَ في النهايةِ للحقِّ وأهلِهِ قالَ سبحانَهُ: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الأرْضِ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الاْمْثَالَ } [الرعد:17] ، ويقولُ عزَّ وجلَّ: { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110]، ولكنْ لابدَّ مِن التمحيصِ والابتلاءِ ليظهرَ وليُّ الرحمنِ مِن وليِّ الشيطانِ، قالَ تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، وقالَ جلَّ وعلا:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [آل عمران: 142]، فاللهُ وعدَنَا بنصرِهِ إنْ كنَّا مؤمنينَ ونصرنَا دينَهُ ورفعنَا رايتَهُ، فالمسلمُ يوقنُ بأنَّ اللهَ ناصرُهُ وناصرُ دينِهِ مهمَا طالَ الزمنُ، ومهمَا قويتْ شوكةُ الباطلِ، قالَ جلَّ وعلا: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]، وقالَ جلَّ وعلا:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 171 – 173]، وقالَ جلَّ وعلا: { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ } [غافر: 51]، وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ ، وَالدِّينِ ، وَالنَّصْرِ ، وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الآخِرَةِ لِلدُّنْيَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الآخِرَةِ نَصِيبٌ)، وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا).

وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي اللهُ عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: (لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ، إِلَّا الْغَرْقَدَ ، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ).

فاللهَ اللهَ في الإيمانِ وفي التعلقِ باللهِ الواحدِ الديانِ، اللهَ اللهَ في وعدِ اللهِ ووعدِ رسولِهِ ﷺ.

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه   

                                                           د/ محمد حرز

 

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »